أقول لكل خائن للعدل في بلادنا قول الله تبارك وتعالى {... إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } النساء107، لكل خائن للعدل يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله وهو معهم أقول له الظلم ظلمات يوم القيامة، يقول تعالى : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. إلى كل خائن للعدل رد الحقوق إلى أصحابها ثم تب فباب التوبة مفتوح.
الرقيب سبحانه وتعالى:
قصتنا - الدرع المسروقة - تتحدث عن اسم الله الرقيب وفيها نزل جبريل بالوحي، لكن كم من القضايا الآن في المحاكم لن ينزل جبريل فيها بالوحي؟ وهنا أنت وضميرك فالله يراك { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ... }، فإن كنت خادعاً لزوجتك، وإن تبسمت في وجه من تكره، فكن على ثقة بأن سرك وعلانيتك مكشوفان أمام الله تعالى الرقيب، سأعلمك دعاء تقوله قبل أن تنام كل ليلة، قل: الله شاهدي، الله ناظري، الله رقيب علىَّ. هذا الدعاء سيقوم بإيقاظ جهاز الإنذار بداخلك إن كان جهازك وضميرك تعطلا.
عندما كان اسم الله الرقيب حياً في القلوب:
انظر إلى العدل عندما كان اسم الله الرقيب حياً في قلوب المسلمين...
أثناء سير سيدنا عمر بن الخطاب في الطريق وجد راعياً للغنم فطلب منه أن يبيعه واحدة من غنماته، فرفض الغلام وقال له إنها ليست ملكاً له وأنها تعود إلى سيده، فقال له عمر مختبراً: أعطني إياها وأعطيك المال وقل لسيدك أكلها الذئب. فنظر الغلام إلى عمر وقال: الله أكبر، فأين الله؟ فبكى عمر وقال: صدقت.
موقف آخر.. كان سيدنا عمر بن الخطاب ماراً ذات ليلة جوار بيت من بيوت الملسمين فسمع ابنة لبائعة لبن كانت تغش بخلط اللبن بالماء تقول لأمها: يا أمي ألم يقل أمير المؤمنين ألا نخلط اللبن بالماء؟ فقالت الأم: ولكن أمير المؤمنين لا يرانا. فقالت لها ابنتها: إن كان عمر لا يرانا فإن الله يرانا.
كيف أن العدل يبدأ من البيوت:
رجل سوري أُخذ حقه وظُلم، ومن شدة غضبه وآلمه مَرِضَ مْرض الموت، فجاء بابنه وسلمه ورقه وطلب منه أن يسير بجنازته بعد أن يتوفاه الله حتى يصل إلى دكان فلان الذي أخذ حقه فيسلمه الورقة، فنفذ الابن وصية أبيه وإذا بالورقة كُتب فيها: إني ذهبت إلى الله، وهو يعلم ماذا فعلت بي، وهو يراني ويراك، موعدنا يوم القيامة لأسترد حقي.
تزوج رجل على امرأته سراً دون أن يخبرها، وعرفت الزوجة قدراً وقررت أن تصمت حتى لا ينهار بيتها، وبعد وفاة زوجها تغلبت على غيرتها مقابل العدل وأخرجت نصيب الزوجة الثانية من الميراث وطلبت من أولادها أن يسلموها إياه، وكانت المفاجأة أن الزوجة الثانية أخبرتهم أن الرجل طلقها قبل أن يموت بأسبوع.
يا من ظلمتم الناس وأخذتم حقوقهم، يا من غششتم في البضائع، يا من أدخلتم آخرين السجن ظلماً، يا من زورتم، يا من ظلمتم زوجتكم .. العدل يبدأ من البيوت.
القاعدة الأولى للعدل:
باب التوبة مفتوح لكل من ظلم نفسه وخان العدل، يقول تعالى { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } النساء110، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا آتيتك بقرابها مغفره".
القاعدة الثانية للعدل:
يقول تعالى في كتابه الكريم { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ...} النساء111، وهذا معناه ألا نقوم بحساب آخرين على ما فعل البعض، فإن كنا نحب الأنصار وسرق أحدهم لا يتحمل الأنصار كلهم النتيجة.
القاعدة الثالثة للعدل
{ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } النساء112.
الجميل في الأمر أن هذه القصة جاءت في سورة النساء بعد سورتي البقرة وآل عمران، والفكرة أن سورة البقرة تتكلم عن مسؤولية المسلمين عن الأرض، وسورة آل عمران تتحدث عن نموذج لعائلة كانت مسؤولة عن الأرض – مريم وزكريا ويحيي-، وسورة النساء تتحدث عن الضوابط التي من شأنها الحفاظ على أن نكون مسؤولين عن الأرض ولهذا فسورة النساء تتحدث عن كل أنواع العدل، مع الأيتام ومع المستضعفين، وسميت بسورة النساء؛ لأننا إن عدلنا مع زوجاتنا نستطيع أن نعدل مع الباقين على الأرض، كأن رمز العدل مع النساء وأن علينا البدء ببيوتنا.
أهداف قصة اليوم:
1- العدل .. ابدأ بنفسك وبأهلك.
2- اسم الله الرقيب.
3- التوبة ورد الحقوق إلى أصحابها.
4- تحقيق العدل في أنفسنا وبيوتنا يؤدي إلى رؤيته في بلادنا.