الاستيقاظ باكرًا
أما بعد،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بُورِكَ لأُمَّتِى في بُكُورِهَا" حديثٌ صحيحٌ رواهُ ابنُ حِبّان.
معناه يُبَكِرُ بالخروجِ لقَضاءِ حَاجاتِه، أوّلَ النّهارِ يخرجُ، السّعيُ أوّلَ النّهارِ فيهِ برَكةٌ، وذلكَ بأن يُصَلّيَ صلاةَ الصُّبح يكونُ أدّى حقَّ الله، بعدَ ذلك يشتَغِلُ إنْ شاءَ بالذّكرِ وقراءةِ القرءانِ أو يذهَبُ لقَضاءِ حاجاتهِ لطَلبِ المعِيشَة، هكذا المسلمونَ عاداتهُم القَديمةُ كانوا يُبكّرُون، يَستيقظُونَ قبلَ الفَجرِ أو بَعدَه ثم يُصلُّونَ الصُّبحَ ويَذكُرونَ اللهَ ثم يَذهَبُونَ لأعمَالهم، والرّسولُ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم كانَ بعدَ صَلاةِ العِشاءِ يَنامُ، ثم لما يَصِيحُ الدّيكُ عندَ مُنتصَفِ الليلِ يَستَيقِظُ، والدّيكُ يَصيحُ عندَ مُنتصَفِ الليل، فيَقومُ ويُصلّي ثم يَنامُ قَليلا ثم يقومُ قبلَ الفَجرِ يُصلّي ثم ينامُ ثم يُوقِظُه المؤذّنُ لصَلاةِ الفَجر.
الأذانُ قبلَ الصُّبح كانَ أذانَين، أحدُهما قَبلَ الفَجْر بحِصّةٍ قليلةٍ منَ الزّمنِ والثّانى بعدَ الفَجر، قبلَ انتِصافِ الليلِ يَنامُ وفى هذا بَركةٌ، الذى يَنامُ قَبلَ نِصفِ الليلِ يَنالُ خَيرًا كثيرا، يستَطيعُ أن يقومَ قبلَ الفَجر ويُصلّيَ ويَدعُوَ اللهَ ويَذكُرَ الله ويَقرأَ القرءانَ ثم يُصلّي الصُّبحَ بعدَ الفَجر ثم يمضِي لحاجَاتِه وفي ذلكَ بركةٌ. وهذا معنى قولِهِ عليه السلام "بُورِكَ لأمّتِى في بُكورِها".
بل يُكرَهُ الحديثُ بعدَ العشاءِ إلا في خَيرٍ كإيْناسِ غَريبٍ أو تَعليمِ النّاسِ ما يَنفَعُهُم ونحوِ ذلكَ لأنّه إنْ أخّرَ النّومَ إلى نصفِ الليلِ ثم نام قد يكونُ في هذه البُرهةِ عَمِلَ معصِيةً فيكونُ خَتمَ يقَظتَه بالمعصِيةِ أمّا إذا نامَ قَبلَ نِصفِ الليلِ وبَكَّرَ بالنّومِ يَكونُ ختَمَ يَقَظتَه بما لا معصيةَ فيه بما لا يَضرُّه، لأنّ تَركَ النّومِ بعدَ وقتِ العشاء إلى وقتٍ واسعٍ قد يُسبّبُ للشّخصِ أن يتكلّم بكلامٍ فيهِ معصيةٌ أو يعملَ عَملا فيه معصيةٌ.
وَسبحَانَ اللهِ وَالحمدُ للهِ رَبّ العَالمين
رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدُّنيَا حَسَنَة وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ النَّار
اللهُمَّ اغْفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسرَافنَا فِى أمرِنَا وَتَوفَّنَا وَأنتَ رَاضٍ عَنَّا يَا أرحَمَ الرَّاحِمِين، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ العفْوَ وَالعَافِيَةَ فِى الدُّنيَا والآخِرَة
وَءَاخِرُ دعْوَانَا أنِ الحَمْدُ للهِ ربّ العَالمين