أبو هريرة رضي الله عنه وصبره على الجوع
أبو هريرة وصبره على الجوع
في صحيح البخاري :
قال أبو هريرة :
(والله الذي لا إله غيره لقد كنت أصرع بجانب المنبر، فيجيء الجائي،
فيظن أن بي جنوناً، فيضع قدمه على عنقي يظن أن بي جنوناً، وما بي إلا الجوع)،
جائع.. وكان إنساناً عفيفاً
قال : فصليت الفرض ثم خرجت وجلست على الطريق،
فمر بي أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله
وإنها لمعي -أنا أعرفها،
لكنه يسأله حتى يقول له:
تعال نتغدى وأكلمك، فيكون قد حصل على مراده-
قال: فسألته عن آية في كتاب الله وإنها لمعي،
وما سألته إلا رجاء أن يستتبعني -يقول لي:
اتبعني. تعال معي، وإنما أغراه بذلك أن جعفر بن أبي طالب كان من أكرم الناس،
وكان أبو هريرة دائماً حين يسأله سؤالاً يقول له:
تعال نتغد أولاً ثم نتكلم على الغداء، فظن أن كل الناس مثل جعفر،
وأنه حين يسأله سؤالاً سيقول له:
تعال نتغد وسوف أجيبك- قال:
ما سألته إلا رجاء أن يستتبعني. قال: فأجابني ومضى،
قال: فجاء عمر فسألته عن آية في كتاب الله وإنها لمعي،
ما سألته إلا رجاء أن يستتبعني، قال: فأجابني ومضى،
قال: ثم جاء أبو القاسم ، فنظر إلى وجهي،
فعرف ما بي، فتبسم، فقال: أبا هر ! الحق بنا،
قال: فانطلقت خلفه، فدخلنا البيت، فإذا إناء من لبن،
قال: من أين هذا؟ قالوا: أهداه لك فلان -بدأ أبو هريرة يتبسم،
سيشرب لبناً- قال: ولكن رسول الله قال:
أبا هر ! الحق بأهل الصفة فادعهم يشركوننا في هذا اللبن،
قال: فأحزنني ذلك -وماذا يفعل هذا اللبن لأهل الصفة،
لأنه لو كل واحد شرب شربة سينتهي
- إنما كنت أريد أن أظفر منه بشربة تقيم صلبي -
ثم أمرٌ آخر أحزنه أنه سيسقيهم، وساقي القوم آخرهم شرباً.
إذاً: لن يجد لبناً- قال: ولم يكن من طاعة الله ولا طاعة رسوله بد.
(وأهل الصفة -كما ذكر أبو نعيم الأصفهاني -
كانوا أربعمائة وخمسة عشر.. أربعمائة وخمسة عشر وإناء لبن!!)
قال: فدعوتهم فجاءوا فجلسوا،
فأمسك النبي الإناء ووضع يده عليه
وقال: باسم الله.. خذ يا أبا هريرة
قال: فكنت آخذ الإناء، فأعطيه للأول، فيشرب حتى يدعه،
فآخذه منه فأعطيه للثاني والثالث والرابع إلى تمام أهل الصفة،
واللبن في الإناء كما هو -بركة-
فجاءأبو هريرة بالإناء إلى رسول الله ،
فلما رآه تبسم -فهو يعلم ما به- فلما رآه تبسم
قال: يا أبا هر! لم يبق إلا أنا وأنت.!
فقلت: صدقت يا رسول الله!
قال: اقعد ياأبا هريرة فقعدت.
قال: اشرب فشربت
قال: اشرب، اشرب، اشرب، حتى قلت:
والذي بعثك بالحق لا أجد له مكاناً،
فأخذ النبي الإناء وكان فيه شربة، فسمى الله وشربها).
انظر.. كان يصرع بجانب المنبر، وما به من داء إلا الجوع،
كل هذا في سبيل الله وحباً في رسوله،
وكان منهم ألوف تركوا أموالهم وتركوا ديارهم فداءً لله ورسوله.
جزء من محاضرة : ( جيل الصحابة [1] ) للشيخ : (أبو إسحاق الحويني)