لو أنك دخلت متحف "طيبة الإمام" في وقت زيارة لإحدى المجموعات السياحية فستشعر برهبة عجيبة من اللوحة الفسيفسائية التي افترشت الأرض ولسماعك إلى خبير آثار يفسر شيفرة غاية في التعقيد مستنداً إلى قصة السيد المسيح والإنجيل فترتسم في مخيلتك تلك الصورة الجميلة عنه.
شخص غير عادي دفعه حبه للمعرفة على الإطلاع على الكثير من الثقافات، ويملك لساناً جميلاً له القدرة على سرد القصص التاريخية والدينية، وعندما تتحدث إليه شخصياً سترى حبه الدافئ واستقباله الرائع واللطافة الهائلة والكلمات المنمقة التي تجعلك تصدق ما اعتقدته عنه منذ البداية.
هو السيد "عبد الباسط كيزاوي" الذي التقاه موقع eSyria أثناء زيارته للمتحف وهو من مواليد عام 1977م والذي حدثنا عن تعلقه بالآثار منذ الصغر: «أحببت الآثار منذ الطفولة، ولم أكن بارعاً في دراستي، فاتجهت وبرغبة شخصية منّي إلى العمل مختاراً قسم الآثار والتنقيب حتى وصلت للعمل مع جمعية الفرانسيسكان وهي جمعية يرأسها مجموعة من الرهبان تبحث وترعى عمليات التنقيب عن الآثار المسيحية في الشرق الأوسط، وعند اكتشاف اللوحة الفسيفسائية الشهيرة في "طيبة الإمام" توظفت كحارس وقاطع تذاكر في المتحف».
لكن محبة "عبد الباسط" للوحة وتعلقه بها جعلته يطلع على أصغر تفاصيلها، يقول: «مع أن وظيفتي لا تتطلب شرح الرموز الموجودة في اللوحة، إلا أنني مصرٌّ على شرحها لكل زائر للمتحف وقد أشرحها
|
كيزاوي مع السفير الباباوي |
في اليوم الواحد أكثر من عشر مرات، حتى يرى الناس اللوحة بأجمل شكل لأن قيمة اللوحة ليس بمنظرها الخارجي الجميل فقط فالغوص في أعماق رموزها متعة لا تساويها متعة، ولأنها ساعدت على استقدام السيّاح إلى البلد فلن أبخل بتقديم صورة جميلة عن هذا البلد لأنني حتماً سأعكس تلك الصورة في بلدانهم».
وعن دقة المعلومات التي يدليها "عبد الباسط كيزاوي" أوضح: «حبي للآثار والاطلاع ساعدني في دمج المعلومات الموثقة لدينا من الخبراء في كتاب موجود في المتحف، بعد اطلاعي على الإنجيل وقصة السيد المسيح عليه السلام، فأنا مسلمٌ وأحب السيد المسيح وهذا الأمر خلق لديّ الحافز لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات».
يروي "كيزاوي" أحياناً بعض المعلومات التي يجهلها المسيحيون أنفسهم فاللوحة تمثل حضارة لا يمكن تجاهلها.
ويضيف: «لو عملت في آثار وثنية فلن أقصر في جمع المعلومات وروايتها حتى لا أتعرض لبعض المواقف التي تجعلني حارساً أو مجرد قاطع تذاكر فقط، وما أكثرها ففي أحداها سألني أحد الرهبان بطريقة يمتحنني لماذا الصليب بهذا الشكل فأجبته
|
مع بطلة التيتانك |
بكل مع ابتسامة تدل عن خبرة بأنه يمثل تصالح الأب مع الابن وتصالح البشر مع البشر، وفي مرة أخرى سئلت من طفل ألماني عمره 9 سنوات، كم قطعة فسيفساء في المتر المربع؟ وبصراحة فاجأني السؤال لكنني لم أتردد حين حسبتها وبسرعة بأنها 100×100=10000 على اعتبار أن كل قطعة 1سم ×1سم».
وأضاف "عبد الباسط": «بيني وبين اللوحة قصة عشق لن تنتهي، فاللوحة جلبت لي شهرة لا تقدر بثمن في كل دول العام عبر أصدقاء من طبقات غير عادية مثل السفير الباباوي والسفير الفرنسي وعدد كبير من الرهبان من أوروبا، ومن أصدقائي أيضاً بطلة فلم "التايتنك" الحقيقية، مما جعلني أتفانى في خدمتها وتأليف قصص حب أرويها لكل من اقترب منها ليسألها عن وحدتها ومع أنني أرويها أحياناً في اليوم الواحد مرات عدة فهو ليس روتيناً فروايتها تختلف باختلاف الأشخاص الذين يستمعون وباختلاف ثقافاتهم واختلاف تقديرهم للوحة».
يعني المتحف واللوحة للسيد "عبد الباسط كيزاوي" الكثير، يقول: «مع أن زوجتي اعتبرت المتحف ضرة لها لكثرة غيابي عن البيت ونومي
|
يرش اللوحة بالماء لإظهارها |