ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله
قال الله تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
(سورة القصص)
وقال تعالى {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}
(سورة لقمان).
إخوة الإسلام اعلموا، رحمكم الله بتوفيقه، أنّ الكِبْرَ صفةٌ مذمومةٌ. وقد نهى الله في القرآن الكريم بآيات منها ما ذكرناه
وقد بين لنا رسوله الكريم في أحاديثٍ كثيرة معناه وعاقبتَه وإن الكِبْر يكون في كثير من الأحيان سبباً لمشاكلَ تعترض
الكثيرين في حياتهم الدنيوية فضلاً عما يؤدي بصاحبه إليه من العذاب الأليم في الآخرة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ذم الكبر وتعريفه
"لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرّة من كِبْر".
(أي لا يدخل الجنةَ مع الأولين)، والذرّة أي الهَبَاءُ الذي يُرى عند دخول ضوءِ الشمسِ من الكوة إلى الغرفة المظلمة)
فقال رجل: إن الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسناً قال "إنّ الله جميلٌ يحب الجمال"
(أي أنّ الله مُحْسِنٌ أو جميل الصفات يحب المؤمنَ الحسنَ الخُلقِ ولا يحرم عليه الاعتناء بنظافة ثوبه وبدنه لأن النبي قال
"الكبر بطر الحق وغمط الناس" رواه مسلم. ومعنى بطر الحق: دفعه وردُّه على قائله. ومعنى غمط الناس: احتقارهم.
وورد أيضا أن النبي قال "ألا أخبركم بأهل النار كلُّ عُتلٍّ جَوَّاظ مستكبر" متفق عليه. والعُتُلُّ هو الغليظ الجافي
والجوّاظ هو الجَموع المَنوع أي المُتكالب على جمع المال من أي طريق كان من حلال أم من حرام.
والمَنوع هو الذي يمنع دفع المال في ما أوجبه الله فيه كالذي لا يدفع الزكاة الواجبة عليه بعد استحقاقها لغير عذر.
ويُفهم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ المتكبر هو الذي يرد الحق على قائله وهو يعلم أنه محق إما لكونه صغيراً
أو فقيراً أو تلميذاً أو ضعيفاً أو نحو ذلك فيقول في نفسه "كيف أرجع عن رأيي لقول هذا التلميذ أو الصغير وأنا أكبر سناً منه".
فلو أنّ صغيراً تلقى العلم الشرعي الصحيح ثم رأى رجلا كبيرا في السن أخلّ بركن من أركان الصلاة أو بشرط من شروطها
أو في وضوئه فنصَحَه نراه يتكبر عن قبول الحق من قائله ويعظم في نفسه أن يقبل هذه النصيحة.
أو كما يحصل من بعض الآباء حيث لا يقبلون نُصح أبنائهم ظناً منهم أنه في ذلك إظهاراً لضعفهم وكأنهم يرون أنه
لا يُتصور أن يُخطئوا في أمر ويصيب أولادهم فيه ولو أنهم عرفوا عاقبةَ المتكبر وما يجد من عذاب
لما تأخروا عن قَبول النصيحة لحظة.